الله تعالى أمر أن تدفع السيئة وهي من قدره بالحسنة وهي من قدره وكذلك الجوع من قدره وأمر بدفعه بالأكل الذي هو من قدره ولو اسئ العبد لقدر الجوع مع قدرته على دفعه بقدر الأكل حتى مات مات عاصيا وكذلك البرد والحر والعطش كلها من أقداره وأمر بدفعها بأقدار تضادها والدافع والمدفوع والدفع من قدره.
وقد أفصح النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا المعنى كل الإفصاح إذ قالوا: “يا رسول الله أرأيت أدوية نتداوى بها ورقى نسترقي بها وتقى نتقى بها هل ترد من قدر الله شيئا؟ قال: هي من قدر الله”.
وفي الحديث الآخر: “إن الدعاء والبلاء ليعتلجان بين السماء والأرض”.
وإذا طرق العدو من الكفار بلد الإسلام طرقوه بقدر الله أفيحل للمسلمين الإستسلام للقدر وترك دفعه بقدر مثله وهو الجهاد الذي يدفعون به قدر الله بقدره.
وكذلك المعصية إذا قدرت عليك وفعلتها بالقدر فادفع موجبها بالتوبة النصوح وهي من القدر.
ودفع القدر بالقدر نوعان:
أحدهما: دفع القدر الذي قد انعقدت أسبابه ولما يقع بأسباب أخرى من القدر تقابله فيمتنع وقوعه كدفع العدو بقتاله ودفع الحر والبرد ونحوه.
الثاني: دفع القدر الذي وقع واستقر بقدر آخر يرفعه ويزيله كدفع قدر المرض بقدر التداوي ودفع قدر الذنب بقدر التوبة ودفع قدر الإساءة بقدر الإحسان.
مدارج السالكين – ابن قيم الجوزية ص 200
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.