منذ ان بدأت مسيرتي مع القرآن..وأنا اتخيل هذا اليوم..واعيشه بأدق تفاصيله. بدأت رحلة النور..والنهاية في ذهني.
ولكن حين كُلفت بكتابة كلمة..وقف قلمي حائراً..ومشاعري فائضة..وتذرف عيني دمعاً.
البعض يترقب خواطري..وتفاصيل رحلتي مع القرآن..والشريحة الأكبر تترقب حل للغز دام لمدة عامين..شيخة وين غاطة؟
دعوتكم اليوم الي عرس ايماني.. لأحتفل معكم بانجاز هو نتاج قصة حُب عشتها لمدة عامين. قصة حُب تبدأ بفجرٍ يتنفس بذكر الله..وصباح يُصب فيه نور كتاب الله.. ونهار الشاغل فيه عملٌ لله.. ومساء اختم به يومي بمجلس ذكر الله.. وليل اترقب فيه الغد.. لأستشعر حلاوة يوم جديد.. القائد فيه مشروع اخترته منهج لحياتي- لعلك ترضي.
قيل ان للحب عيد..وأنا عشت الحُب طاعة، وقبولها عيد. جعلوا للحُب تاريخ.. والمؤمن يجدد حبه مع كل نداء للقاء بحبيبه.
عبَّروا عن الحُب برسائل واشعار.. يقرأها المُحب مرات وكرات.. فكيف وان كان المُرسل.. الله.. ورسالته آخر خطاب من السماء للأرض.
بدأت علاقتي مع القرآن في شهر مارس من عام ٢٠١٤.. كانت نيتي حفظ سورة يس فقط.. ما سر اختياري لسورة يس بالذات؟ ربما لأنها كانت السورة الوحيدة المتداولة لدي.. فأذكر منذ الصغر كانت أمي تلقبها بالسورة السحرية.. كلما شكونا من شيء قالت ‘تعالي اقرا عليج يس وتصيرين زينة.’ صدقتِ أُمي.. انها فعلاً سورة سحرية.. سورة فتحت لي ابواب لعالم سحرني جماله.. واخترق قلبي نوره.
اتذكر في بداية الطريق.. قالت لي احدي البنات السباقات في الدين.. كلمات لا زالت راسخة في مخيلتي.. قالت لي.. القرآن كالصديق.. هو يختبر مدي مصداقيتك معه.. فإن وجدكِ وفية له.. اعطاكِ.. عُدت ليلتها.. لأرتمي علي اعتاب باب الله.. بدعوة صادقة.. اللهم اجعلني اتقرب اليك بالقرآن.. يا رب سهل علي حفظه..واكرمني ختمه
اكاد أُقسم.. ان ليلتها انتابني شعور.. اني عبدة الله الوحيدة.. وصحوت فجر ذلك اليوم..كعادتي أُراجع حفظي.. الي ان يحين وقت التسميع.. لاح فجر ذلك اليوم.. بتغيير ملحوظ.. شعرت ان ملكة الحفظ لدي.. ارتقت.. شعرتُ وكأنني اتقنت فن الحفظ والتسميع.. بداخلي شعور.. بأني عثرت علي كنز..
ناولني المولي في اول عام لازمت فيه القرآن.. ثمانية اجزاء.. وفي العام الذي سلّمت نفسي فيه للقرآن.. ٢٢ جزء.. وختم. ما السر؟
صدقت الله.. فصدقني الله.. السر.. نية صادقة.. دعوة خالصة رُفعت للمولي.. فقُبلت.. يا من ترضا بالقليل.. وتجزي بالكثير.
في اليوم الذي اتممت فيه حفظ القرآن.. هنأني عدد هائل من الأهل والأصدقاء.. كلمة ‘مبروك’ يصحبها تساؤل اجتمع فيه الكل.. ‘ما الدافع وراء حفظك للقرآن؟’ كنت استشعر في سؤال البعض فضول ممزوج بتعجب..فأنا التي طرقت ابواب السعادة كلها.. فوجدتها خلف باب واحد..باب السماء..سعيت باحثة عن الفرح في جميع الأنحاء..ومن خلال انماط مختلفة من الناس.. فعثرت عليه وأنا جالسة علي وسادتي..بين يدي ملك الناس..
اكتشفت نمط جديد من السعادة..السعادة الممتدة..من خلال مصاحبتي للقرآن.. لم اعد ابحث عن اي سعادة خارج نطاق منزلي.. ايقنت ان في القلب فراغ لا يملؤه الا الله..فاصبحت السعادة دخيلة علي.. فملأ نور كلام الله كل زوايا البيت.. والقلب.
اقف اليوم امامكم.. خاتمة للقرآن.. والبعض يتسائل.. هل انتهت المسيرة؟ كلا.. هي علي وشك ان تبدأ. انهيت مسيرة ‘الخاتمة’ يوم الجمعة.. وبدأت مسيرة ‘الحافظة باتقان’ يوم الأحد. فصلني عن القرآن يوم واحد.. السبت ما بعد الختم.. ففيه عُدت الي الدنيا التي ظننت اني فارقتها لمدة عامين.. الا لأكتشف.. اني لم افارق الدنيا.. بل عشت الدين.. دنيا.
وفي الختام.. من لا يشكر الناس.. لا يشكر الله.. لا يمكني ان انهي حديثي من غير ان اذكر فضل أُناس.. لولاهم.. ما كُنت..
جماعة حققت لي قوله تعالي ‘واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي’.. شُكراً للمعلم..شُكراً مسمعاتي.. شُكراً مُعلمتي.. شُكراً خواتي في الله.. شكراً لكل فرد فتح لي قلبه قبل بيته.. شكراً لكل كف امتدت لي بالدعاء عن ظهر غيب.. عاجزة ان افي لكم امتناني بكلمات.. فترجمتها لدعاء
شيخة محمد مساعد الصالح