ايام الشباب و بالتحديد فترة المرحلة الثانوية تعرفت على احد الصالحين من الشباب و تأثرت به و بأخلاقه و كان
سر تميزه و هو الشاب الصغير كثرة قرائته للكتب و منها كتب ابن قيم الجوزية ! احيانا يحدثني و احيانا يكتب لي رسائل لا زلت احتفظ بمعظمها مستل من كتب ابن قيم الجوزية. فجزاه الله عني خير الجزاء و احمد الله تعالى و انا اكتب عنه بعد ما يقارب الاربعين سنة ” ان كل جلسة و كل كلمة سمعتها منه كانت جزء من تكويني النفسي و الايماني و الخلقي في عمري الان و انا اشارف على الستين ” و الدعاء موصول لشيخي ابن قيم الجوزية رحمه الله و جزاه عنا خير الجزاء . اكتب هذا ناصحا و واعظا لقارئ هذه الكلمة بحسن اختيار الصديق سواء في الصغر او الكبر . هم خير او شر من ببرمجك في الحياة و القرار عندك لنفسك او ابنائك احسن الاختيار الان ترتاح الان و غدا .
بعد هذه المقدمة اذكر انني قرأت كتاب ابن قيم الجوزية ” مدارج السالكين ” في مرحلة الجامعة و مرة ثانية تأثرت به من جديد انما في هذه المرة لم اسمع او اقرأ لهذا الصديق انما مباشرة مع الكتاب فكان مرة اخرى خير حافظ لي بعد الله ايام الجامعة . قبل شهر اعدت قراءة الكتاب و في هذه المرة متأملا و متفكرا اكثر في معانيه الايمانية و التي تغنينا كثيرا عن حضور الكثير الكثير من الدورات و الذي بعضها لا يتماشى مع قيم و معتقدات ديننا الحنيف . جائني خاطر ان اكتب ” خواطر من مدارج السالكين ” تتماشى و تخصصي في البرمجة العصبية اللغوية و ان شاء الله تعالى قريبا تجدها عزيزي القارئ في صفحتي على الفيس بوك . تميز ابن قيم الجوزية بدقة عباراته و جمال الفاظه و سهولتها فيفهمها العالم و المتعلم تأمل معي هذه النصيحة في حسن اختيار الصديق الايجابي :
“ولما كان طالب الصراط المستقيم طالب أمر أكثر الناس ناكبون عنه مريدا لسلوك طريق مرافقه فيها في غاية القلة والعزة والنفوس مجبولة على وحشة التفرد وعلى الأنس بالرفيق نبه الله سبحانه على الرفيق في هذه الطريق وأنهم هم الذين {أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً} فأضاف الصراط إلى الرفيق السالكين له وهم الذين أنعم الله عليهم ليزول عن الطالب للهداية وسلوك الصراط وحشة تفرده عن أهل زمانه وبني جنسه وليعلم أن رفيقه في هذا الصراط هم الذين أنعم الله عليهم فلا يكترث بمخالفة الناكبين عنه له فإنهم هم الأقلون قدرا وإن كانوا الأكثرين عددا كما قال بعض السلف:
“عليك بطريق الحق ولا تستوحش لقلة السالكين وإياك وطريق الباطل ولا تغتر بكثرة الهالكين”
وكلما استوحشت في تفردك فانظر إلى الرفيق السابق واحرص على اللحاق بهم وغض الطرف عمن سواهم فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإذا صاحوا بك في طريق سيرك فلا تلتفت إليهم فإنك متى التفت إليهم أخذوك وعاقوك.