“كان الإمام ابن عقيل دائم الاشتغال بالعلم . وكان له الخاطر العاطر ، والبحث عن الغوامض والدقائق ، وجعل كتابه المسمى بـ ( الفنون ) مناطا لخواطره وواقعاته .” وقد ضرب الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله مثلا ظريفا للخواطر والأفكار التي تخطر في ذهن الإنسان فقال : ” وقد خلق الله سبحانه النفس شبيهة بالرحى التي لا تسكن ولا بد لها من شيء تطحنه ، فإن وضع فيها حب طحنته ، وإن وضع فيها تراب أو حصى طحنته ! . فالأفكار والخواطر التي تجول في النفس هي بمنزلة الحب الذي يوضع في
الرحى ، ولا تبقى تلك الرحى معطلة قط ، بل لا بد من شيء يوضع فيها ، فمن الناس من تطحن رحاه حبا يخرج دقيقا ينفع به نفسه وغيره ، وأكثرهم يطحن رملا وحصى وتبنا ونحو ذلك إذا جاء وقت العجن والخبز تبين له حقيقة طحينه ! ) .
ومن الذين طحنت رحاه حبا نفع به نفسه وغيره الإمام ابن الجوزي صاحب الكتاب المشهور صيد الخاطر وهو كتاب ألفه من هذه الأفكار والخواطر التي ترد إلى ذهنه في يومه وليلته قال في مقدمة هذا الكتاب النافع : ” لما كانت الخواطر تجول في تصفح أشياء تعرض لها ، ثم تعرض عنها فتذهب ، كان من أولى الأمور حفظ ما يخطر لكيلا ينسى . وقد قال عليه الصلاة والسلام ( قيدوا العلم بالكتابة ) . وكم قد خطر لي شيء ، فأتشاغل عن إثباته فيذهب فأتأسف عليه ورأيت من نفسي أنني كلما فتحت بصر التفكير سنح له من عجائب الغيب ما لم يكن في حساب ، فأنثال عليه من كثيب التفهيم ما لا يجوز فيه التفريط فيه ، فجعلت هذا الكتاب قيدا … لصيد الخاطر … )
شاهد أيضاً
كتاب افضل ما وصلني بالواتس اب لعام ٢٠٢٣ د.نجيب الرفاعي
عالم الانترنت .. عالم عجيب و فضاء فيه الخير الكثير لمن التقط الخير …