الإصــرار قوه عجيبة من أسرار النفس البشرية ، فبدون الإصرار لن تستطيع تحقيق أهدافك وغاياتك ، فعندما نريد تحقيق أي أمر أو إنجاز عمل معين تبرز أمامنا عقبات
ومصاعب فنكون بين حالين إما أن نستسلم ونرجع الوراء أو ندفع أنفسنا بأنفسنا نحو تحقيق ما نصبوا إليه بعزيمه لاتعرف اليأس وصبر لايعرف الكلالة ونسير بعزم وحزم فى الأمر وهو ما يطلق عليه الإصرار.
وقبل أن نبدأ بعملية زرع الإصرار في نفوسنا أود أن أخبرك بأن الأمر شاق حيث أن النفس تركن إلى الدعة والراحة والإصرار عكس ذلك ، ولكن درب نفسك وجاهد نفسك ، مع أنه قد تفشل في البداية بل ستفشل بالفعل ، ولكن تأكد من أن الفشل أول خطوه للنجاح والضربة التي لاتقصم الظهر تقويه ، والمشقة تهون في سبيل تحصيل الغاية ، وأعلم أن الإصرار يجر بعضه بعضا بمعنى أنك كلما زدت فيه كلما ألهب في نفسك الحماس خصوصا بعد أن تشعر بلذة ما حققت.
الله عزوجل يحب المصرين والحياة تنحاز للمصرين هذه قاعدة أو قناعه إن إستطعت أن ترسخها في نفسك بأفعل بدون تردد
فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، عندما أمره الله بتبليغ الرسالة قام يدعوا قومه ويغشاهم في مجالسهم ويقول لهم قولوا لاإله إلا الله تفلحوا ، مع ما كان يلاقيه صلى الله عليه وسلم من العنت والأذى ، والسخرية منه صلى الله عليه وسلم وهم يقولون أهذا الذي بعث الله رسولا ، لولا نزل على رجل من القريتين عظيم ، ويقولون ساحر ، كذاب ، كاهن ، مجنون ، بأبي وأمي أنت يارسول الله ، فعندما جهر النبى بدعوته إستجابة منه صلى الله عليه وسلم لأمر ربه ، رعدت مكة وأبرقت ودقت طبول الحرب على رأس المصطفى وأصحابه ,وأنطلقت مكة على رأس رجل واحد لتصب الإيذاء والبلاء صبا على رأس الحبيب صلى الله عليه وسلم ، وورد في صحيح البخاري أن الكافر الفاجر عقبه بن أبى معيط عليه لعنات الله المتوالية ، انطلق إلى النبى محمد فخنقه خنقا شديدا حتى كادت أنفاسه تخرج بين يديه ، فجاء الصديق وهو يدفع هذا الكافر الفاجر وهو يقول أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله ، وورد في تاريخ الطبري أنهم وضعوا التراب على رأسه إلى أخر ما تعرض له الحبيب من محن وفتن وإبتلاءات ، ومع ذلك كان صلى الله عليه و سلم صابر محتسب غير مهتم بكل ذلك ومصر على تبيلغ دعوته ، فمع ما تعرض له النبي إلا أنه كان يمشى بينهم في عزه مرفوع الرأس ، لم يعتزل النبى قريش ولا المجتمع المكي ويقول خلاص وإنما كان يمشى مكينا في أمره عزيزا لأنه معه الحق كما قال له تعالى الحق من ربك فلا تكن من الممترين ، حتى أنهم في أحد المرات عندما مر أمامهم النبى (ص) همزوه وغمزوه المرة والثانية وفى الثالثة قال لهم الحبيب إسمعوا معشر قريش والله إني جئتكم بالذبح ، فكأن على رؤوسهم الطير حتى قال أشقى القوم إنصرف راشدا أبا القاسم فوالله ما عرفناك جهولا ،
وكانوا يسلطون عليه سفهائهم وغلمانهم ويقولون مذمم راح مذمم أتى والنبي يقول أنظروا كيف صرف الله عنى شتم قريش يسبون مذمما وأنا محمد يا نور عيني يا رسول الله .
مع كل هذا والنبي بطل ثابت عنده إصرار على تبليغ دعوته في كل مكان حتى أنه لما وجد تعنت قريش ، إستكبارها عن قبول الحق ، مع أنهم يعرفونه بينهم بالصادق الأمين حتى إذا بلغ الأربعين يقولون كاهن ، ساحر ، كذاب ، ومما يدلل على إستكبارهم أن أبا جهل كان يذهب ليلا ليسمع القرآن من النبي إثنين من أصحابه أيضا ذهبوا سرا لكي يسمعوا القرآن من النبى فتجمعوا فتعاهدا على أن لا يأتوا مرة أخرى ولكن في الليلة التالية تجمعوا مره أخرى وتعاهدوا على أن لا يعودا ولكنهم رجعوا وكل واحد منهم في مكان لكي يسمع القرآن من الرسول فشاهدوا بعض وعزموا على عدم العودة وقال أبو جهل لصاحبيه والله إنا لنعلم أنه رسول الله حقا ولكن تسابقنا الشرف نحن(يقصد بني مخزوم) وبني عبد مناف سقوا فسقينا وأطعموا فأطعمنا وكسوا فكسونا حتى إذا كنا كفرسي رهان قالوا منا نبي والله هذا ما لايكون أبدا أنظروا أحبتي إنه والله الكبر الذي صدهم عن الإيمان والتوحيد.
فبعد العنت والإيذاء والإستكبار من قريش وأمام إصرار النبي على تبليغ دعوته خرج صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ليدعوهم إلى الإسلام ، ولكن لاقى الحبيب ما لاقى من الرد القبيح وسلطوا عليه سفهائهم وغلمانهم وضربوه بالجحاره حتى دمت قداماه بأبي وأمي يارسول الله ، حتى قال صلى الله عليه وسلم دعائه المعروف( اللهم أشكوا إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي………………………….. إنه إصرار النبى على تبيلغ دعوته وإيصالها ،قريش تريد أن تثنى النبى عن دعوته بالترهيب والإيذاء ولما لم تفلح قالوا نجرب معه الإغراءات بعثوا إليه عتبه بن ربيعه وقال إسمع بن أخي إن كنت تريد ملكا ملكناك علينا وإن كنت تريد مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تصبح أغنى رجل فينا ، وإن كان بك الباءة أي تريد النساء أعطيناك أحلى نسائنا ، وإن كان بك من الجن أتينا لك بطبيب ، إغراءات وعندما أنهى عتبه كلامه قال له الحبيب أفرغت يا أبا الوليد قال نعم ، فقال الحبيب إسمع منى وبدأ يقرأ سورة طه .
فلما لم تفلح كل المحاولات من قريش من إيذاء وإغراءات مع النبى بعثوا إلى عمه أبا طالب في شأن بن أخيه ، كلموا أبوطالب مره وثانيه وأبو طالب يحوط النبى فذهب إلى النبي وقال له إسمع بن أخي لا تحملني من الأمر مالا أطيق ، فقال له النبى والله ياعم لو وضعوا الشمس على يميني والقمر على يساري على أن أترك هذا الدين ماتركته حتى أهلك دونه …….. إصرار وإى إصرار وأي عظمه فلما وجد أبوطالب هذا الإصرار من النبى قال أفعل ماشئت بن أخي فوالله لا أسلمك إلى شر أبدا ماحييت
ونصر الله دينه وأظهره على الدين كله وساد المسلمون الدنيا كلها .
اخى الحبيب يقول تعالى ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنه ) فينبغي أن تتأسى بأخلاق النبى وإصراره فلا تضعف ولا تخور وإصمد على هدفك وعملك وكرر محاولاتك مع تصحيح الأخطاء وليكن عندك إصرار حتى يتحقق ماتصبوا إليه بإذن الله .
• إصرار سيدنا أبوبكر الصديق (رضي الله عنه )
بعد وفاة النبي (ص) أرتد كثير من القبائل العربية والتي دخلت الإسلام حديثا ، وبعضهم إمتنع عن أداء الزكاة ، فأجمع سيدنا أبوبكر على قتالهم حتى يعودوا إلى حظيرة الإسلام مثلما كانوا ، ولكن بعض الصحابة ومنهم سيدنا عمر بن الخطاب قال كيف نقاتل قوم يشهدوا لاإله إلا الله ويقيمون الصلاة ، نترك أمرهم ، فقال سيدنا أبوبكر أجبار في الجاهلية خوار في الإسلام يا بن الخطاب والله لأقاتلنهم حتى على عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله (والله لأرسلن إليهم شباب يحبون الموت كما يحب الناس الحياة) ، أمـــــــــــــــــــــــــــــام هـــــــــــــذا الإصــــــرار من الصديق على قتال المرتدين ، يقول سيدنا عمر فعلمت أن الله قد شرح صدر أبابكر وأيضا عندما علم أن الروم يريدون التصدي للمسلمين عند فتحهم بلاد الشام قال ( والله لأبعثن إليهم خالدا يطير وساوس الشيطان من رؤوسهم ) إنه الإصرار.
• سيدنا خالد بن الوليد عند قتال الروم حيث كان عدد المسلمون قليل جدا بالنسبة لعدد الروم فقال أحد المسلمين لخالد نفر اليوم إلى جبل كذا فقال سيدنا خالد لا بل نفر إلى الله ، فوالله لا نقاتلهم بعدة ولا عتاد ولكن نقاتلهم بهذا الدين وأمام هذا الإصــــــــــــــرار على الشهادة أو النصروالثقه في الله ينتصر المسلمون نصرا مؤزرا.
• محمد الفاتح : الذي فتح القسطينيه التي إستعصت على المسلمون لقرون عديدة وعندما سد البزنطيون مياة البحر أمام الأسطول العثمانى بسلسله ضخمه أمر أن تشد السفن على ألواح من الخشب وتجر بالخيول إلى مابعد نقطة تثبيت السلسله وفتح القسطينيه التى إستعصت على المسلمين لقرون عده بالإصرار.
• العالم المصري فاروق الباز:عالم الفضاء في بداية سفره إلى أمريكا قدم في عده جامعات أكثر من 2000 طلب كلها رفضت ، فهناك صعوبة في تعينه في الجامعات لأنى أجنبى وأمام إصراره الشديد وعدم يأسه وتكرار محاولاته يقبل ويصبح علما يستقبل مثل الوزراء والملوك وتتشرف أي جامعه في أمريكا أو غيرها بزيارته لها
يستفاد من قصة الباز أنه نحن الشباب إذا بحثنا عن وظيفة 10مرات أو 40 مره نقول عملنا إلى علينا ، وننام ملء جفوننا ، يجب يا شباب أن لايكون هناك يأس بل نكرر المحاولة مرات ومرات ومن أدمن قرع الباب أوشك أن يلج.
الخلاصه ولكى نزرع الإصرار فى نفوسنا عليك بالآتى:ـ
التوكل على الله والإستعانه به فى كل أمر وكما يقول الشاعر وإذا لم يكن من الله عونا للفتى فأول من يجنى على المرء إجتهاده.
*وطن نفسك أن تكون أول خطوه أمامك وآخر خطوه عند هدفك ، لابد أن تعرف الطريق جيدا حتى تصل لنهايته.
وكما يقول الشاعر : طريق العلا أبدا للأمام فويحك هل ترجع القهقرى
*لاتنظر إلى من هلك كيف هلك ولكن أنظر إلى من نجا كيف نجا ، أنظر إلى من هو *فوقك كيف هو واثق من نفسه وحازم فى أمره ومتمكن من تدبير أمره .
* لاترهب المواقف ولاتتعاظم الخصوم ولاترضى حياة الذل.
*لاتكن أهدافك خياليه وصعبة التحقيق وعليك بالواقعيه .
*كرر محاولاتك مع تصحيح الأخطاء .
وأخيرا التفاءل وحسن الظن بالله بأنه سيوفقك ويعينك على تحقيق ماتريد ، فما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.